الخميس، 29 مايو 2008

بروموشن و تنويه

يا جماعه حبيت بس اعمل بروموشن سريع كده اني عامل بلوج تاني لسه يعني اندر كونستركشن لو حبيته تبصوا عليه مش هتعملوا اكترمن انكو تخشوا على الوضع الخاص بي و تختاروه من جوز المدونات اللي تحت وهناك في مقدمه عنه وموضوع كمان
التنويه بقى اني متهيالي كده ان الموضوع اللي نزل من شويه ده هيبقى تقريبا اخر موضوع اكتبه الفتره دي عشان الامتحانات والعوء ده...غير كمان اني اوت اوف مووود وياما اركز في مذاكره عشان انفع ياركز في كتابة....يبقى المذاكره احسن برده....ممكن جدا يكون في سبير تايم واكتب فيه بس انا بقول يعني عشان لو حد دخل البلوج وملقاش جديد ميفتكرش اني طنشته خلاص او اني مت وريحتكوا مني من قرفي...بس كده تمام اوي...سلامي لكل برنس ولكل برنسيس بيخشوا البلوج ده... و دعواتكم والنبي ياخوانا....شكرا...سلاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام

لقاء نهايته النسيان



اليوم فقط أدركت الحقيقة...اليوم فقط تيقنت منها...اليوم فقط تأكد قلبي مما كان يخشى التأكد منه...اليوم وبعد آخر لقاء بيننا...علمت الحقيقة الأليمة....الحقيقة التي كنت أخشاها....الحقيقة التي كانت ترتعد فرائص قلبي رعبا من مجرد تصديقها...الحقيقة التي لم أتمن قط التأكد منها....لكنها للأسف الحقيقة....وهي كغيرها من الحقائق قاسية و ومؤلمة....اليوم و بعد آخر لقاء بيننا...باحت عيناك عما يجول بخاطرك...عبر وجهك عما يجيش به صدرك....كشفت كلماتك عما يدور في نفسك.... اليوم وبعد آخر لقاء بيننا....أدركت إنني لم يعد لي مكان بقلبك...ضاق علي قلبك بما رحب فخرجت منه طريدا كسيرا....أدركت إنني صرت على هامش أفكارك....أدركت إنني سقطت من على رف ذكرياتك....اليوم و بعد آخر لقاء بيننا....رأيت في عينيك النظرة التي كنت أخشاها...النظرة التي لم أتمن أبدا رؤياها...النظرة التي فهم قلبي فحواها...قد رأيت في عينيك نظرة النسيان....تلك النظرة التي ما أن رأيتها حتى شعرت بأن جرح قلبي ازداد عمقا...بل أسوأ...قد صار الجرح جرحين....كأنه لا يكفي قلبي جرح الفراق فزاد عليه جرح النسيان....وصدقيني....لم أشعر بآلام جرح الفراق مثلما شعرت بها مع جرح النسيان...على الأقل يندمل جرح الفراق حينما يشعر المرء أنه في مازال في قلب من يحب...لكن جرح النسيان لا يشفى....اليوم و بعد آخر لقاء بيننا...تأكدت من نسيانك التام لشخصي... تيقنت أن حبك لي قد اندثر مع الزمن....أدركت أنني كنت بالنسبة إليك ليس أكثر من لحظة عابرة مرت عليك ولم تؤثر في قلبك....ومضة خاطفة مرت عليك ولم تلحظينها....صفحة و طويت وتلاشت ذكراها....أدركت هذا بقلب منفطر يكاد من حزنه يقطر دما..... اليوم وبعد آخر لقاء بيننا.... علمت أن الحب الخالد بين اثنين ليس سوى وهم صنعته القصص....علمت أن الحب ليس سوى طرف يعطي ولا يأخذ وطرف يأخذ ولا يعطي....علمت ان الحب جحيم لا قبل لقلبي بتحمله....علمت أن الحب حربا لا قدرة لروحي على خوض غمارها....اليوم وبعد آخر لقاء بيننا.... علمت أن ما كنت أعتقده حب لي بقلبك قد مات....أراك الآن بعين الخيال...تقفين في مجتمعك ووسط أحبائك...تسخرين من حبيب أبله يهواك و أنت له لا تأبهين....تسخرين من روح ذليلة تحبك و أنت بها لا تشعرين.... تسخرين من قلب أحمق يعشقك و أنت له لا تكترثين.... اليوم وبعد آخر لقاء بيننا...و بعدما أدركت ما كنت أخشى إدراكه.... لا ألومك ولكن ألوم قلبي...ذلك القلب العليل....ذلك القلب الذليل.... ولقلبي اوجه كلمة...أقول لك يا قلبي...لا أريد سوى أن أعبر لك عن مقتي الشديد لشخصك....لا أدري ما الذي قدمته إلي....لم تقدم لي سوى مرضك...أعيش كل يوم في انتظار إعلان عصيانك و توقفك عن العمل....حتى عندما أحببت...ما الذي قدمته لي سوى الذل و المهانة....تتمسك بحب يضرك ولا ينفعك...تجري وراء سراب ووهم مضل.... لكنى أعذرك...فقد أحببتها حبا سرمديا لا أعتقد له نهاية...لكن ألم يأن لك أن تنساها كما نسيتك....ألم يأن لنبع دمعك أن ينضب.... ألم يأن لنهر جروحك أن يجف...ألم يأن لك أن تحفظ عزتك و كرامتك....أمقتك يا قلبي...أكرهك بشدة ولا أتحملك....ولكن لي عندك رجاء أخير وهو رجاء حار أرجو ألا ترده...أرجوك يا قلبي أن تتوقف عن العمل....توقف و سترى كم ستفيدني....ستريحني من حب أبدي لا ينتهي....ستريحني من معين بكاء لا ينفذ....من جرح روح لا يندمل....من كرامة مهدرة لا تحفظ....والأجمل أنك ستريحني من حياة لا تستحق أن أعيشها.... أما أنت يا حبيبتي فلك أقول....اليوم وبعد آخر لقاء بيننا...وبعد آخر جرح تلقاه قلبي من قلبك....فإنه رغم جروحي و آلامي و أحزاني و همومي التي أعانيها...فإن عزائي اليوم شيئا واحدا....عزائي أن هذا اللقاء بيننا اليوم....كان بالفعل...آخر لقاء.....

الثلاثاء، 13 مايو 2008

على الكورنيش



لكم أعشق الاسكندرية في الشتاء....أمقتها صيفا و هذا حق مشروع للجميع حيث الحر والزحام والمصطافين من كل صوب و قاع المجتمع حين يطفو فيصير سطحا....لكن في الشتاء الأمر يختلف....الاسكندرية في الشتاء تشعر بأنها ملك لك وحدك...تفتح ذراعيها لاستقبالك...تبتسم لك وتتجمل من أجلك...لكن أشد ما أعشقه في الاسكندرية شتاءا هو السير ليلا وحيدا على الكورنيش...أعشق التأمل وأهيم بالشرود وأتيم بالوحدة والصفاء الروحي....كانت الساعة تجاوزت العاشرة بقليل...كنت أسير منفردا على الكورنيش الساحر...في هذا الوقت من العام لا تجد الكثيرين في هذا المكان...الجو شديد البرودة لكني لا أهتم و أضم ياقة معطفي طلبا للدفء ....حينما يجتمع البرد و الضوء الخافت مع أصوات أمواج البحر المتلاطمة مع قليل من العناصر البشرية المبعثرة في كل صوب أشعر أن الكون قد تجمل و أن الزمان قد جرد أدواته ورسم لنا لوحة رائعة...لوحة اسمها الشجن....هكذا أحب السير وحيدا في هذا الوقت....أتأمل هذا و أحدث ذاك....هنا رأيت رجلا عجوزا أعتقد أنه تجاوز السبعين من العمر...كان مدثرا بمعطف رث قديم....ذهبت و جلست إلى جواره...قررت أن أتحدث معه في اي شئ....كبار السن دائما يحبوا الحديث في السياسة و يمزجوا بينها وبين واقع حياتهم المرير...قررت أن العب دور المثقف و أحدثه بلغة ما أقرأ...الناس دائما ما تنبهر بمن يتشدق بأغرب الألفاظ أمامهم....تحدث عن اللاوعي المتناهي المنبثق من الوجدان الجمعي و علاقته بارتفاع الأسعار و ستجدهم يصفقون لك ويمتدحوا عبقريتك...هكذا تجدني أتحدث مع العجوز في سياسة الحكم الحالي و أدمج حديثي ببعض قراءاتي....لكن هيهات....قد أبهرني الرجل فأسكت لساني....تفكير عقلاني و وعي منظم و آراء منطقية لم أرها في عتاة المثقفين ممن عرفت....هذا الرجل لا يؤمن بثقافة الكتب إنما بثقافة الحياة...تجاربك هي معلمك الأفضل فمنها و تعلم...هذا كان رأيه والذي عليه و أسير إلى الآن....كان حزينا ولكنه لم يفصح عن سبب حزنه...لكن من وراء حزنه كان يملك ابتسامة ودودة تشعر معها بالأمان...رغم قصر المدة التي جالسته فيها إلا انني أحببته حقا....حييته و تركته و واصلت جولتي...رأيت مجموعة من الشباب يمزحون و يتضاحكون بينهم شابا يحمل جيتارا يعزف عليه و يغني...عزفه ممتاز و صوته لا بأس به أبدا....هو واحد من أصحاب تلك المواهب التي ضل الحظ طريقه إليها فلم تستثمر وستندثر يوما....على الرغم من ضحكهم و غنائهم لكن الحزن كان مخيما على جلستهم جليا في عيونهم....واصلت تسكعي فرأيت فتاة ماجنة صاخبة....منظرها يدل على مهنتها دون إفصاح...نظرت في عينيها و نظرت في عيني...عيناها حزينة فعلا...شعرت بعينيها الجميلتين تقول:"لا تظن إنني سعيدة بذلك...لكنها الحاجة...نعم أعلم أنه لا شئ يبرر أبدا أن أغضب ربي و أن أفرط في أغلى شئ يملكه المرء و هو شرفه...لكن صدقني...أنت لا تعلم ما يقع على كاهلي من أعباء....أعباء أم أرملة مريضة وأخوة صغار جياع...انها الحاجة المجنونة التي تدفعك إلى تحطيم قيود المجتمع و تخطي حواجز التقاليد و هدم أسوار العفة...صدقني إنها الحاجة"....شعرت بدمعة حقيقية تترقرق في عينيها...لكنها لم تلبث أن ركبت في سيارة فارهة مع شاب وانطلقا إلى حيث أجهل....استكملت مسيرتي فشاهدت متسولة عجوز....أشفقت عليها و ساعدتها بما من الله عليها به...رغم طعنها في السن إلا أن عينيها كانت كعيون الأطفال...تلك العيون التي تحمل الحزن و الفرح في آن واحد....لا يمكن أن ترى هذا التعبير إلا في عين طفل...وفي ذهني دارت عجلة الأفكار...إمرأة عجوز دفعتها الحاجة إلى التسول, وفتاة شابة دفعتها الحاجة إلى الانحطاط....في قرارة نفسي لا أسامح أيا منهما...لكن ما الذي يصل بالفرد إلى مثل هذه الحالة؟لماذا يصل الفقر إلى أبشع صورة ممكنة بهذا القدر؟سؤال لا أملك إجابته...هكذا واصلت طريقي...رأيت شابا و فتاة يجلسان سويا و يتهامسان....واضح إنهما حبيبان...تلك النظرة الحالمة للغد و البسمة التي تشع املا تؤكد إنهما عاشقان....من المفترض أن أسعد لمرآهم لكني على العكس أصابني الهم....لا أعلم ما الذي طرأ علي؟...صرت ذو نظرة تشاؤميه بشكل غريب....لم أعد استمتع بشئ.... إذا ذهبت في رحلة تجدني حزينا لأنها يوما ستنتهي....إذا أكلت طعاما أحزن لأنه قريبا سينفذ....لم أعد استمتع باللحظة التي أعيشها....صرت اتوقع الأسوأ....الحب ينتهي بالفراق و النسيان...السعادة آخرها الحزن....والحياة نهايتها الموت....أكد لي أفكاري مشهد فتاة جميلة تجلس وحيدة تبكي و تكتب شيئا ما....عساها فارقت من تحب أو أي شئ آخر...المهم أنها حزينة....الحزن....الحزن هو السمة الغالبة في كل من تراهم على كورنيش الاسكندرية شتاءا....تركت كل ما رأيت ووقفت أتأمل البحر من بعيد....لا أعلم لماذا يعشق الناس البحر؟!!...البحر لا يذكرك سوى بآلامك و احزانك و جروحك و فراقك...مع اصوات صفير هواءه المندفع تشعر بصرخات روحك تدوي....مع ضربات أمواجه المتلاحقة لصخوره تشعر بطعنات قلبك تدمي...البحر بالنسبة للبشر ليس سوى مرآة لأسوأ ما مر بهم في حياتهم من جروح و أحزان....لا أحب البحر لكني أعشق الكورنيش....على الكورنيش ليلا تجد مجموعات و عناصر مختلفة من البشر لا يجمع بينهم سوى أحزان الأمس و مخاوف الغد...بالنسبة لي لا وجود لشئ اسمه الحاضر....الحاضر هو اللحظة التي نعيشها الآن فقط...اللحظة المنصرمة هي من الماضي و اللحظة القادمة هي المستقبل...
كورنيش الاسكندرية ليلا....حيث يجتمع الفرح و الحزن...حيث يلتقي الحب والجرح....حيث يتقابل النجاح و الفشل...حيث تصطدم الأحلام و الآمال بمخاوف الغد...
كورنيش الاسكندرية ليلا....حيث يعبر المرء عن أفراحه و حيث يشكو احزانه....
كورنيش الاسكندرية ليلا....حيث يتذكر المرء من يحب و يخفق قلبه بحبه وتدمي روحه من جرحه....
كورنيش الاسكندرية ليلا....حيث اعشق أن أسير وحيدا....

الأحد، 11 مايو 2008

تكلم قلبي...و رحلت في صمت



بعد أول لقاء بيني و بينك سألت نفسي سؤالا واحدا
"لماذا أتكلم...و أنت تصمتين؟"
ألأن كلامي لا معنى له...أم أن شخصي تافها...أم أنك اتخذت من الحياء خدين....
*****
بعدما شعرت بانجذاب قلبي نحوك سألت نفسي سؤالا واحدا
"لماذا أتكلم...و أنت تصمتين؟"
تحسس حبك طريقه إلى روحي...و استعد قلبي للنبض من أجلك...و أنت بشخصي لا تقنعين....
*****
بعد أول كلمة حب أقولها لك سالت نفسي سؤالا واحدا
"لماذا أتكلم...و أنت تصمتين؟"
هل اعترافي بحبك ضعف مني...أكان خطأ أن أقع في هواك...أم انك بحبي لا تشعرين....
*****
بعد أن أعيتني الحيرة و عذبني الفكر سألت نفسي سؤالا واحدا
"لماذا أتكلم...و أنت تصمتين؟"
قد تخلل حبك ثنايا روحي...قد غلف هواك كياني...قد نبض قلبي لأجلك... و بمشاعرك نحوي لا تبوحين....
*****
بعد أن وصلت في حبك إلى الجنون سألت نفسي سؤالا واحدا
"لماذا أتكلم...و أنت تصمتين؟"
أعبر عنك و عن حبي لك في كل محفل...و عن شخصي أبدا لا تذكرين...
*****
بعدما أحسست بقرب الفراق سألت نفسي سؤالا واحدا
"لماذا أتكلم...و أنت تصمتين؟"
فعلت معك كل شئ...بحبي و اعترفت...لدمعي و أذرفت...وعد و أهديت... وعيد وهددت...تنظري إلي و تبتسمي ولا تنطقين....
*****
بعد الفراق سألت نفسي سؤالا واحدا
"لماذا أتكلم...و أنت تصمتين؟"
تفجر البكاء في مقلتي...و انهمر الدمع على وجنتي...لكني للأسف... رأيتك يومها تبكين....
*****
الآن و بعد رحيلك الصامت أقول لك:
قلبي لا يزل ينبض لأجلك....روحي لا تهتز لسواك...مازال حبك يسري في وجداني...أقول ذلك و أعلم يقينا...إنك كما صمتِ من قبل... فإنك اليوم أيضا ستصمتين....

الجمعة، 9 مايو 2008

لحظات



في حياتنا لحظات و لحظات...تمر علينا لحظات...نعيشها كلحظات...لكنها تؤثر في حياتنا ولا تمر علينا كالطيف...تبقى عالقة في أذهاننا إلى الأبد ولا ننساها فنعلم أنها لم تكن مجرد لحظات...لحظات فرح و لحظات ألم... لحظات سعادة و لحظات شقاء...لحظات حب و لحظات جرح...لحظات أمل و لحظات يأس...لحظات و لحظات و لحظات....بها يمتد عمرنا ومع نهايتها يفني العمر و ينتهي الحلم ....فلنعش سويا بعضا من تلك اللحظات...
لحظة نجاحك و دخول المجال الذي تحب
لحظة تفوقك و تحقيقك الحلم
لحظة يأسك و خوفك من الفشل
لحظة ميلاد الحلم و انبثاق الأمل
لحظة انهيار الروح و تثبيط الهمم
لحظة اول لقاء بمن تحب
لحظة أول نبضة قلب
لحظة اول كلمة حب
لحظة اول بسمة امل
لحظة اول طعنة جرح
لحظة اول دمعة فراق
لحظة تحطم قلب
لحظة فرح و لحظة انكسار
لحظة تخرجك من الجامعة
لحظة التحاقك بعملك
لحظة ولوجك الأول لغرفة العمليات
لحظة علاجك لأول مريض
لحظة تشييدك لأول مبنى
لحظة زواجك
لحظة ميلاد طفلك الأول
لحظة تشييع أعز أحبائك إلى مثواه الأخير
لحظة رؤياك لحبيبك-الذي فارقته- صدفة
لحظة معرفة خبر مرضك و قرب نهايتك
لحظة تفتح زهرة زرعتها بيدك
لحظة نمو شجرة سقيتها بدمعك
لحظات و لحظات و لحظات تمر بها منذ مولدك وحتى وفاتك....تتعاقب عليك و تترك في نفسك أعظم الأثر...لحظة فرح و لحظة حزن...لحظة حب ولحظة جرح...لحظة عزة و لحظة ذل...لحظة أمل و لحظة يأس...لحظه فخر و لحظة خزي...لحظة نجاح و لحظة فشل...لحظات تمر علينا...عمرها الكوني لا يعدو عن كونه لحظة...توقيتها الزمني لا يزيد عن لحظة....لكنها بالنسبة لمن عاشوها حقبة زمنية لا تغفل...عمر مديد لا ينسى...اما من لم يعيشها فهي بالنسبة له ليست أكثر من لحظات.... مجرد لحظات...
((ملحوظه:الصورة دي اسمها لحظة...لو محدش فهم علاقتها يعني))

الخميس، 8 مايو 2008

في القطار


القطار المتجه إلى الاسكندرية ينهب الطريق بلا رحمة...أنا لا أحب الاسكندرية...الكل يعشق تلك المدينة الساحلية الساحرة...لكني أكرهها... لا أدري لذلك سببا لكن كل ذكرياتي بها سيئة مما حدى بي أن أكرهها...هكذا تجدني جالسا في إحدى عربات القطار متململا أرجو أن تنتهي تلك الرحلة البغيضة على خير...كنت مضطرا لها فهي كانت رحلة عمل و ليست ترفيه...هكذا وفي محاولة لقتل الوقت والملل شرعت في قراءة الصحيفة...لحظات و مللت فطويت الصحيفة وطفقت أتأمل من حولي...بالمناسبة هي كانت أول مرة لي أسافر فيها بالقطار لذا تجدني غير معتادا على الأجواء....لذا رحت أتأمل من حولي...لم يكن هناك جارا في المقعد المجاور لي...لكن كان هناك شخصين في المقعد المقابل...رجل و إمرأة...رجل في أوائل العقد الرابع من العمر...متوسط الطول...قوي البنية...لا يحمل وجهه وسامة ملحوظة لكنه مقبول الشكل...كان رجلا وهذا يكفي....أما المرأة فكانت في اعتقادي في نهايات العقد الثالث من عمرها...متوسطة الجمال...لا تنبهر بجمالها لكنه جمال هادئ مريح للعين...لا يفتنك لكنك تحب النظر إلى وجهها...شخصين عاديين تماما واضح جدا انهما زوجين...حاستي قالت لي أنهما ليسا على ما يرام...لم يتحدثا قط...لم يتبادلا كلمة واحدة.... كل منهما ينظر في الاتجاه المعاكس للآخر... أخذت أرقبهما قليلا ثم أصابني الملل لهذا السكون فأطلقت العنان لشرودي....بعد لحظات نهض الزوج لأمر ما و غادر المكان...لم آبه و لم أهتم....عدت إلى شرودي لكن قاطعني صوت الزوجة قائلة:"عادل لم يعد كما كان...لم يعد زوجي الذي احببته....أشعر أنني لا أعرفه....قد صار شخصا آخر"...تعجبت بشدة فلم أكن أدري لماذا تخبرني هذا الكلام....لكنها واصلت حديثها في شرود قائلة:"تزوجنا منذ ثلاث سنوات...كنا زوجين سعيدين...يحسدهما الناس على سعادتهما...تزوجنا عن حب...كنا عصفورين متحابين...لكن فجأة دبت الخلافات بيننا...عادل شارد الزهن باستمرار وعندما أحدثه في أمر ما يثور لأتفه سبب...بدأ يتشاغل عني...لم يعد يهتم بي مطلقا...كرس كل حياته لأصدقائه و نزهاته معهم....حاولت تعديل مسار حياتنا بإنجاب طفل لكنه رفض و اعترض معللا بأنه في بداية الطريق و الظروف لا تسمح و لا يزل أمامه الوقت لبناء مستقبله وهراء من هذا القبيل...لم أعد احتمل ذلك...حياتي لم تعتد تحتمل"....صمتت لحظات ثم قالت:"آسفة صدعت رأسك...لكني كنت بحاجة للتنفيس عما بداخلي فقد خنقني اليأس"... قلت لها:"لا عليك...مهتني أساسا أن انصت إلى الآخرين وأن استمع إلى مشاكلهم"...سألتني في لهفة:"هل أنت باحث اجتماعي أم محلل نفسي؟"...قلت لها:"لا هذا ولا ذاك...أنا طبيب"...منحتني ابتسامة لا معنى لها...من ثم بادرتها قائلا:"قلتي أن لكي ثلاث سنوات متزوجة... ألا تعتقدي أنها فترة غير كافية للحكم على العلاقة وتقرير مصيرها بالانفصال...كما أعتقد أن كثيرا من الأزواج يمرون بتلك المرحلة بفعل الملل والروتين والظروف الاجتماعية....اعتقد ان تغيير الأجواء قد يناسبكما"...ابتسمت في حزن:"انت لا تعلم...لقد دبت الخلافات بيننا بعد شهر زواجنا الثاني...صار إنسانا لا يحتمل...نعم تزوجنا عن حب...لكن الحب أيضا يموت...قد اتخذت قراري بالانفصال".....هنا عاد الزوج إلى مقعده فنظرت الزوجة إلى الاتجاه الآخر...لا أعلم لماذا صرت أمقت هذا الرجل...رجل قاسي لا يهتم بزوجته و يعاملها سيئا هو رجل لا يحتمل...كنت طوال عمري انحاز للطرف الأضعف...لحظات و نهضت الزوجة فعدت إلى شرودي لكن قاطعني صوت الزوج قائلا:" نجلاء لم تعد كما كانت...لم تعد زوجتي التي احببتها....أشعر أنني لا أعرفها....قد صارت شخصا آخر"....اندهشت بشدة...ما هذا الذي يحدث.... لكنه واصل حديثه في شرود قائلا:"تزوجنا منذ ثلاث سنوات...كنا زوجين سعيدين...يحسدهما الناس على سعادتهما...تزوجنا عن حب...كنا عصفورين متحابين...لكن فجأة دبت الخلافات بيننا...نجلاء شاردة الزهن باستمرار وعندما أحدثها في أمر ما تثور لأتفه سبب...بدأت تتشاغل عني...لم تعد تهتم بي مطلقا...كرست كل حياتها لصديقتها و نزهاتها معهن....حاولت تعديل مسار حياتنا بإنجاب طفل لكنها رفضت و اعترضت بحجة انها غير مستعدة بعد لتحمل مسؤولية طفل كما إنها تريد أن تحافظ على جمالها و رشاقتها وهراء من هذا القبيل...لم أعد احتمل ذلك...حياتي لم تعتد تحتمل"... صمت لحظات ثم قال:"آسف صدعت رأسك...لكني كنت بحاجة للتنفيس عما بداخلي فقد خنقني اليأس"... قلت له:"لا عليك...مهتني أساسا أن انصت إلى الآخرين و أن استمع إلى مشاكلهم"...سألني في لهفة:"هل أنت باحث اجتماعي أم محلل نفسي؟"...قلت له:"لا هذا ولا ذاك...أنا طبيب"...منحني ابتسامة لا معنى لها...من ثم بادرته قائلا:"قلت أن لك ثلاث سنوات متزوج... ألا تعتقد أنها فترة غير كافية للحكم على العلاقة وتقرير مصيرها بالانفصال...كما أعتقد أن كثيرا من الأزواج يمرون بتلك المرحلة بفعل الملل والروتين والظروف الاجتماعية....اعتقد ان تغيير الأجواء قد يناسبكما"...ابتسم في حزن:"انت لا تعلم...لقد دبت الخلافات بيننا بعد شهر زواجنا الثاني...صارت إنسانة لا تحتمل...نعم تزوجنا عن حب...لكن الحب أيضا يموت...قد اتخذت قراري بالانفصال"....هنا عادت الزوجة وعاد كل منهما إلى وضعية الاتجاه المعاكس السابقة....طبعا اختلطت على ذهني الأمور....راقبتهما لعلي استشف الحقيقة من أعينهما...لكني فشلت...وحينما توقف القطار في إحدى المحطات نهضا و نزلا من القطار دون كلمة تحية واحدة لشخصي و خرجا و كانهما لا يعرفاني و لم يبوحا لي بأدق أسرارهما منذ لحظات...ومع تحرك القطار أخذت أفكر...ترى من صادق ومن كاذب...من على حق ومن على باطل...كم انت صعب أيها القضاء!!!...كيف يصدر القاضي حكمه القاطع في ظل تضارب الأقوال و تناقضها...لكني تعلمت...علمتني التجربة شيئا جديدا...علمتني ألا أحكم في قضية من طرف واحد دون سماع كل الأطراف...علمتني أن آخذ بوجهات النظر... علمتني أن للحقيقة دائما أبعاد أخرى....وعلمتني أيضا انني حينما أسافر إلى الاسكندرية...لا أركب أبدا القطار....

الأحد، 4 مايو 2008

لحظة شرود





رأيتها...جميلة...ينساب شعرها الأسود خلف ظهرها كأسدال الحرير...عيونها السوداوين جميلتين كعيون المها... رقيقة كالطيف... جذبت قلبي لمجرد مرآها...وقفت أراقبها... وجدتها تصعد بعضا من درجات السلم المؤدي إلى مدخل المبنى المواجه لمكان عملي...ثم وجدتها تجلس على إحدى الدرجات...ملابسها بسيطة فعلا لكنها نظيفة... ورغم بساطتها إلا أنها زادت تلك الحورية جمالا و حسنا...لكن بغض النظر عن جمالها...ما جذبني إليها شئ آخر...جذبني إليها مسحة الحزن التي ارتسمت على وجهها...نظرة الألم التي تطل من عينيها...شدت انتباهي فأخذت اتابعها...وجدتها تمسك كتابا و شرعت في القراءة به...لا أدري لماذا أحسست أنها شاردة الذهن و لا تقرأ شيئا...لو أن عيني مكان عينيها لقلت أن السطور تنساب أمامها كالنهر و تتساقط الكلمات منها... أعتقد أنها لا تقرأ أنما تحاول تشتيت تفكيرها عن أمر ما...ثم رأيتها تغلق الكتاب وتنحيه جنبا فتأكد ظني...ثم وجدتها تخرج من حقيبتها لفافة بها شطيرة ثم شرعت تأكل...شعرت بها تمضغ في شرود ولا تزدرد شيئا مما تأكله...أعتقد أنها تمارس المضغ كعملية مستقلة تجعلها تهرب من أفكارها...ثم قامت بتكوير ما تبقى من الشطيرة في اللفافة و أعادتها إلى حقيبتها...أخذت أتساءل ترى ما سر هذا الملاك؟...رأيتها تعتدل في جلستها ثم وضعت خدها على كفها و نظرت إلى السماء و سرحت...خفق قلبي في عنف...قد ذكرتني حركاتها تلك بحبيبتي التي فرق بيني وبينها القدر...استمرت تلك الحورية في شرودها لحظات...ثم وجدت دموعها تنساب على وجنتيها الرقيقتين....هنا لم أعد احتمل...قررت المغامرة...وجدتني اتجه إليها و مددت يدي إليها مانحا إياها منديلا لتجفف دموعها...نظرت إلى مندهشة لحظة ثم أخذت المنديل شاكرة...لا أعلم ما الذي ألجم لساني و منعني من الكلام...لذا استدرت و اتخذت قراري بالرحيل لكنها استوقفتني....وبعينين حزينتين نظرت إلي وقالت بصوت جدير بهذا الملاك:"طبعا تريد معرفة سبب شرودي و بكائي؟"...لم أرد...أي كذبة لن تجدي...عيناي ستفضحني... وجدتها تقول:"لماذا لا تخمن أنت؟"....قلت لها في حذر:"لا أدري...قد تكوني لا قدر الله فقدت أحدا من أهلك او أحبابك...أو علكي خسرتي وظيفة أو أخفقتي في اختبار....و احتمال أن تكوني افترقتي عن حبيبك أو اكتشفتي خيانته....أو خدعك صديق لك"....ابتسمت ابتسامة شخص يرى تلك الأمور تفاهات وقالت:"أهذه كل أسباب الحزن والدموع في نظرك؟"...أجبت:"نعم....ولا أري شيئا آخر يستحق البكاء عليه...فقدان الأهل و الحبيب هي أقسى الآلام على النفس"...هنا بكت تلك الغيداء بكاء حارقا....ومن بين دموعها الغزيرة قالت:"أتعتقد أن معرفة خبر مرضك الخطير و رحيلك الداني عن الدنيا أمر هين لا يستحق البكاء؟!!"...سكت من الصدمة...بهت الذي كفر...صمت لحظات ثم قلت:"إذن...هل تبكين لأنك مفارقة أهلك ومن تحبين؟"...ردت من بين دموعها:"لا...بل أبكي فراقي الدنيا...أهلي بعيدون عني...و ليس لي صديق...ولا حبيب أبكيه و يبكي علي....لكني لا أرغب في الموت"....سكت و سألت نفسي لماذا تتمسك بحياة لا تتمسك بها....لا أهل و لا أحباء...إذن لماذا تحب الحياة و تخشى تركها...حينما نقلت إليها خواطري نظرت إلى في ازدراء و قالت في حدة:"أنت لا تعرف ما أشعر به...لا يمكنك فهم هذا الشعور"....آثرت إنهاء المناقشة والرحيل دون استثارة غضبها...لكنها قبل رحيلي اعتذرت إلي وشكرتني ثم قالت:"صدقني...أنت لا تعرف هذا الشعور"
*****
تركتها ورحلت...فكرت في كلامها...رغم إنني أحسن منها حالا و ظروفا ولي أهل و أحباء وحبيبة رغم فراقنا مازلت احتفظ بحبي لها و كذلك هي...إلا أنني لا أتمسك بالحياة مثلها ولا اشتهيها...أعتقد أن تمسكها بالحياة نوع من الضعف البشري و حب الذات لا أكثر...الحمد لله إنني قوي النفس صحيح القلب.
*****
بعد ثلاثة أشهر...كنت جالسا على إحدى درجات السلم المؤدي إلى مدخل المبنى المواجه لمكان عملي...أمسكت بكتاب قرأت فيه قليلا لكن تفكيري منعني من الفهم فعزفت عنه...ثم أمسكت بلفافة بها شطيرة شرعت التهمها في شرود...شردت بذهني لحظات أفكر...حزن شديد أشعر به و وحدة قاتلة أسالت الدمع من عيني...ثم فجأة وجدت أمامي يدا تقدم إلي منديلا فنظرت فإذا هي تلك الغيداء المنتظرة النهاية...رأيتها أجمل مما سبق...ووجدت على ثغرها ابتسامة شاحبة قبل أن تقول:"اعتقد إنك أخيرا عرفت ذلك الشعور".....

الجمعة، 2 مايو 2008

وداعا يا إكليل الزهور



لا أعلم لماذا أجد نفسي اليوم وحيدا؟...الكل انفض من حولي...أهلي, جيراني, أصدقائي, أحبائي...الكل غادرني و رحل عني... تركوني أقاسي الحياة وحدي...ياله من إحساس مؤلم...لكني لم أحزن..لم أجزع...فهي لم تتركني...هي فقط من تمسكت بي رغم فراقنا و خصامنا...وجدتها على باب منزلي...وجدتها على عتبة داري...ممسكة بباقة من الزهور-أم هل أقول إكليلا؟-طبعا لم أدعها للدخول فأنا أعيش وحدي...رأيتها تبكي بحرقة...اغرورقت عيناها بالبكاء...وانهمر الدمع على وجنتيها كالمطر... وجدتها تتوسل إلي أن أعود إليها...ترجوني ألا أرحل عنها و أتركها... أقسمت بأنها تحبني و وعدتني ألا تضايقني أبدا...تمزق نياط قلبي لحديثها و دموعها...رق قلبي...لكن كبريائي منعني من الحديث والبوح بحقيقة ما يدور بداخلي...هكذا تجدني أشيح بوجهي عنها في صمت... شعرت بغضبي فوضعت إكليل الزهور على عتبة الدار و غادرت دامعة العين كسيرة القلب...
*****
على مدى عام كامل كانت حبيبتي تأتيني كل يوم...تحمل كعادتها إكليل الزهور و تضعه على عتبة داري...تبكي و تتوسل...تدمع و تطلب مني السماح...صراحة رق قلبي...فتر غضبي...لكني لم اعترف بذلك...صارت كل يوم تأتي و تحدثني و تسليني...تحكي لي عن حياتها و عن صديقاتها...هذه أحبها و هذه أكرهها...تحدثني عن مضايقات جارها الذي يهواها وهي لا تتقبله...تمازحني و نضحك سويا...تأتيني يوما ضاحكة تحكي عن إنجازاتها...و تأتيني يوما باكية تحكي عن إنكساراتها...تأتيني كل يوم على مدار العام تسلي وحدتي و تمنحني الأزهار...في قرارة نفسي عقدت العزم على العودة إليها و استرجاع الحب بيننا...في انتظار الفرصة السانحة...
*****
ماذا حدث لحبيبتي؟!...قد قلت زياراتها تدريجيا...أصبحت تأتيني مرة كل أسبوع...بل أسوأ....صارت مرة كل شهر...تأتيني جامدة الوجه...تحدثني حديثا سريعا مقتضبا و تمشي مسرعة...لكنها لم تنسى عادتها...كانت تضع إكليل الزهور على عتبة الدار و ترحل...غضبت...كدت أعدل عن قراري الذي اتخذته سرا...لكني تراجعت...أنا لا أعلم ظروفها...ترى من يعلم؟!!...
*****
انقطعت حبيبتي عن زيارتي عاما كاملا...كاد أن يصيبني الجنون...صرت أقضى معظم وقتي في قضم أظفاري...كبريائي منعني من الاتصال بها... ترفعي منعني من السؤال عنها...كنت أفكر هل ملت وضاقت ذرعا بتكبري و ترفعي عليها وتمنعي عنها...لكن لا...قد بلغ مني الغضب مبلغه...كان كل يوم يمضي دون أن تأتي يفعل بي فعل الأخشاب في النار المتأججة... نويت أن ألومها أشد اللوم حين مجيئها...نويت قطع كل صلة لي بها حينما تأتي...لكن هل تأتي؟!!...
*****
اليوم جاءت حبيبتي...كانت في أجمل صورة...مجرد مرآها أنساني كل إحساس بالغضب...أنساني كل كلام اللوم و العتاب...كان شوقي باديا علي...كدت أن أخذها بين أحضاني لكن الحياء منعني...لكن لحظة...من هذا الطفل الصغير الذي يغفو على كتفها...سمعت صوتا ذكوريا يأتي من غير بعيد يقول في نفاذ صبر:"ألم يحن الوقت بعد؟"...ردت عليه حبيبتي في سرعة:"حالا يا حبيبي...إنها آخر زيارة كما تعلم"...ثم نظرت إلي باسمة وقالت:"قد مرت السنون يا عزيزي...وعلى المرء أن يعيش حياته و يجدد مستقبله...قد وهبنا الله نعمة النسيان...أرجوك لا تغضب مني... أرجوك سامحني"....ثم وضعت إكليل الزهورعلى عتبة الدار و رحلت مسرعة...حاولت أن استوقفها و اعترف لها بحبي و بندمي على تركها تلك المدة تقاسي...لكن الكلام احتبس في حلقي...تجمد الدمع في محاجري...حاولت أن أجري و ألحق بها لكن لحظة...ما هذه الدار الضيقة التي أعيش بها؟...ما هذه الجدران و كل هذا الظلام المحيطين بي؟...ما هذا الحجر تحت رأسي؟...ما هذا الباب عند قدمي؟...ثم لماذا ارتدي هذا الثوب الأبيض الذي لا أكمام له؟...ما كل هذا التراب الذي يحيطني و يغطيني؟....هنا أدركت الحقيقة...ومع صوت خطوات حبيبتي المبتعدة...علمت أنها آخر زيارة منها...آخر مرة أراها فيها...علمت أنها آخر ضحكة و آخر بسمة و آخر دمعة و آخر لقاء...علمت أنه آخر إكليل زهور اتلقاه منها...وعلمت أيضا الحقيقة القاسية التي أخشاها...علمت الآن علم اليقين و تأكدت...هنا فقط تأكدت...إنني اليوم حقا قد مت...

الخميس، 1 مايو 2008

سفر



كنا أربعة...من مدن مختلفة التقينا...من بيئات متفاوتة تعارفنا...من مهن متفرقة اجتمعنا...اجتمعنا على الصداقة والود.
كنا أربعة...أصدقاء متحابين أكثر من الأخوة...نسهر سويا ونمرح معا... نتشارك الأحزان و نتبادل الأفراح.
كنا أربعة...أحمد و شريف و عمرو و أنا...كنا قد قررنا السفر بسيارة "عمرو" لقضاء بضعة أيام في إحدى المدن الساحلية البعيدة...فرصة لتغيير الأجواء و استعادة النشاط.
كنا أربعة...وانطلقنا بالسيارة ليلا...كل منا يحمل بداخله أحلامه و آماله... كذلك يحمل مخاوفه...مخاوفه من المستقبل المجهول...مخاوفه حتى من الطريق المظلم الموحش الممتد إلى مالا نهاية.
كنا أربعة...لكن الاطمئنان لم يكن خامسنا...
*****
انطلقنا ليلا في الطريق الصحراوي المظلم...أكاد أقسم أننا كنا وحدنا على الطريق...لا توجد سيارة سوانا...كان السؤال الدائر بأذهاننا هو ماذا سيحدث لو تعطلت بنا السيارة....لا سبيل للخلاص حتما...هكذا وفي محاولة لتبديد مخاوفنا...شرعنا نغني و نمزح و نتحدث و نضحك...لكن هيهات...قد كان الخوف ضيفنا...قد كان شريكنا الخامس في رحلتنا... وهو ضيف ثقيل وشريك قيادي يصعب تنحيته...هكذا هبطت موجة مرحنا كما ارتفعت...واستسلم كل منا لأفكاره...من ثم قرر "عمرو" أن يسلينا ويقصر علينا المسافة فترك العنان لأغاني "فيروز" الساحرة تنساب كأنغام الجنة...سرح كل منا مع صوتها العزب الشجي...شرعت أفكر في كل شئ بعيد عن مخاوفي من المجهول...فكرت في أهلي وفي أخي المسافر وفي دراستي...فكرت فيها هي...نعم فكرت في حبيبتي... استعدت لحظات الحب الرائعة معها...و اخترق جدار أفكاري صوت "فيروز" تشدو فتقول:"شايف البحر شو كبييييييير...كبر البحر بحبك...شايف السما شو بعيييييييد...بعد السما بحبك"....ابتسمت...قد أحببتها حقا كما تقول فيروز بنفس الكيفية تماما...أخذت استرجع أيام الحب والوفاق...لم أتوقف عن التفكير بها...كنت أحاول أن أركز أفكاري كلها في اللحظات السعيدة و الذكريات الحلوة...لكتي فشلت...تذكرت أيام النزاع و الخصام...تذكرت جرحي لقلبها و جرحها لقلبي...تذكرت لحظة الفراق الحزينة...لحظة الوداع الأليمة...عاودني صوت "فيروز" تقول :"زعلي طول أنا وياك...وسنين بقيت...بجرب فيهن أنا أنساااك...ما قدرت نسيت"...يالله...كم أنتي رائعة أيتها الفيروز...نعم قد طال خصامنا...طال ببعدنا الأمد...لكني لم استطع نسيانها...مازلت لتلك اللحظة أفكر بها...قد تكون تلك الرحلة نفسها هربا من نفسي و من تفكيري بها...أتساءل وقلبي يتمزق...هل مازالت تذكرني وتفكر بي مثلما أفعل؟...أم نسيتني و نسيت أيامي؟...من أين لي أن أعلم....أطلقت زفرة حارة من الأعماق...ثم أملت رأسي و غرقت في سبات عميق...
*****
لا أعرف كم من الوقت مر علي نائما...قد يكون ساعات وقد يكون لحظات...لا أعلم...لكني استيقظت بغتة على ضوضاء وصوت آله تنبيه مرتفع...نظرت حولي في سرعة وسمعت "فيروز" تشدو وتقول:"من زماااااااان... أنا و صغيرة....كان في صبي...آجي من الأحراش...العب أنا وياه....كان أسمه شادي"...نظرت أمامي فوجدت"عمرو" يتصبب عرقا و رأيت شاحنة عملاقة تتجه إلينا في ثبات مسرعة...صوت "فيروز" يدوي هادرا:"وعلقت عأطراف الوادي...شادي ركض يتفرج"...وجدت "عمرو"يصرخ...رأيت أحمد يبكي...وجدت "شريف"واضعا رأسه بين كفيه... حاولت أن أقول شيئا حكيما متعقلا ففشلت..."خفت وصرت أندهله وينك رايح يا شادي"...كفى يا "فيروز "بالله عليك...حاولت أن أنبه "عمرو" لشئ ما لكنه لم يستجب..."اندهله ما يسمعني...ويعدي بعرض الوادي"...صرخات من حناجرنا...نفير و أبواق التنبيه المزعجة....أضواء و صرخات و غناء...أضواء وصرخات و غناء... أضواء وصرخات و غناء....... ثم فجأة انتهى كل شئ...لا أعلم كم من الوقت غبت عن الوعي...لكني حينما استيقظت...وجدت حولي ظلاما دامسا وصمتا مطبق...وجدت نفسي راقدا على أرض الطريق غارقا وسط بركة من دمائي...وهكذا وجدت أصدقائي....أحسست بستارة كثيفة من الضباب تنسدل أمام عيني...ومن بين موتي و حياتي...ومن بين نومي و يقظتي...سمعت صوت "فيروز" الساحر يكمل:"من يومتها....ما عدت شفته...ضااااااااااع شااااااااااااااااااااااادي"....ولم أسمع شيئا بعدها قط....وللأبد....