الثلاثاء، 29 أبريل 2008

إنهم يجهضون الأحلام





سألني أحدهم ذات مرة وقال:"هل أحببت يوما؟"...أجبته بالإيجاب...لكنه لم يلحظ شرودي حينما أجبت...لم يلحظ ملامح الحزن التي ارتسمت على وجهي...لم يشعر بنبضة القلب التي هزتني...لم يشعر بجرح الروح الذي آلمني...هكذا اكتفى بإجابتي ثم عاود السؤال وقال:"هل استمتعت بالحب؟"...لم أعرف كيف أجاوبه...لكني حين نظرت إليه وجدته ممسكا بكوبا من الشاي فبادرته قائلا:"هل تستمتع بالشاي؟"...هز رأسه في حيرة من لا يعرف العلاقة بين السؤالين ثم قال:"في البداية فقط...لكني لا أحب نهاية الكوب حيث الرواسب في القاع...فلا أكمله"....سألته مرة أخرى:"ومن أين تأتي الرواسب؟"...فقال:"بقايا الشاي الجاف تكون على السطح ثم تترسب رويدا فلا نراها سوى في النهاية....لكن بالله عليك أخبرني لم تسأل؟"....ابتسمت مليا ثم قلت:"هكذا الحب...تستمتع بأوله ثم ترى عيوبه في النهاية فتعزف عنه"....نظر لي الصديق مندهشا ثم قال:"أريد مزيدا من التوضيح"...قلت له:"يا صديقي...حينما تحب...حبا صادقا مخلصا...لا ترى عيوب من تحب...تتغاضى عن ذلاته...تغض الطرف عن أخطائه...ثم يجرحك وتتناسى...يطعنك وتتناسى...يخونك وتتناسى... وتحاول أن تكمل معه و تستمتع بحبك...حتى تصل إلى مرحلة تتجلى لك فيها كل العيب و الذلات و الأخطاء و الجروح و الطعنات و الخيانة مجتمعة... فتعلم إنها النهاية...ويكون الفراق حتميا"...سكت صديقي برهة ثم قال:"مازلت لا أفهم"...ابتسمت ثم أخذته وسرنا حتى بلغنا لوحة ناصعة البياض وسألته عما يرى فقال:"لوحة بيضاء تماما"...من ثم أمسكت قلمي الأسود ووضعت نقطة سوداء صغيرة على اللوحة ثم كررت سؤالي فأجاب قائلا:"لوحة بيضاء بها نقطة سوداء"...قلت له:"ما أكثر شئ يلفت نظرك حينما تنظر إلى تلك اللوحة الآن"...قال بسرعة:"النقطة السوداء"... قلت له:"هكذا يا صاحبي العلاقات الإنسانية...إذا كانت صحيحة وسليمة فهي كتلك اللوحة البيضاء الناصعة النقية...أما إذا حدث خلاف و لو بسيط فسيبقى في الأذهان للأبد ويعكر صفو العلاقة"...ثم أمسكت بقلمي ووضعت الكثير من النقط السوداء متفرقة ثم سألته عن رأيه في اللوحة فقال:"يااااه....قد قبح منظر اللوحة وشاه شكلها...لم أعد أحتمل رؤيتها".. فقلت له:"هكذا الحب...إذا ما كثرت جروحه وهمومه...لن تستطع إكماله... و ستعتزل الحب وتتركه وتترك من تحب"...سكت صديقي ثم قال:"إذن أنت لم تستمتع بالحب"...قلت له:"ومن قال ذلك...قد استمتعت بكل لحظة حب صادقة عشتها مع من أحببت...بنيت أحلاما ورسمت أهدافا و طموحات...لقد عشت أجمل و أسعد أيام عمري معها"...ثم سكت برهة قبل أن أردف:"لكني يا صديقي قد انجرحت....قد اغتيلت طموحاتي و أجهضت أحلامي...قد تحطمت سعادتي وانهارت روحي"... سكت صديقي لحظات ثم سألني بحذر:"إذن...هل فارقتها؟"...أجبته بحسرة و ألم:"فارقتها بجسدي فقط...لكن عقلي لا يزال مشغول بها... قلبي لا ينفك ينبض لأجلها...روحي لا تشعر بسواها"...عاودني صديقي فسألني:"هل هناك أمل للعودة؟"...أجبته في حزم:"لا أعتقد...ما ضاع قد ضاع...الجرح بروحي لا يزل يسري"...سكت صديقي ثم ضحك في خبث وقال:"أتعلم؟...لا يفل الحديد إلا الحديد...و داوني بالتي كانت هي الداء"... سألته عما يعنيه فقال:"لا ينسيك جرح إمرأة سوي إمرأة....تعرف على غيرها...صادق و أحب سواها....من ثم تنساها ولا تتذكرها"...فكرت في كلامه...ولم لا...فتاتي نفسها فعلت ذلك...لم يمر على فراقنا سوى مدة قصيرة إلا وكانت قد تعرفت على غيري...بسرعة نسيتني و خانت ذكراي...لكن لا...أنا لست مثلها...قد أحببتها حقا ولن أنساها بسهولة... لن أخون ذكراها...أنا اختلف عنها في كل شئ...قد أحببتها من قلبي لكنها لم تفعل...قد احترمتها حقا لكنها لم تفعل...لم أجرحها قط لكنها فعلت...كنت مخلصا لها لكنها لي وخانت...هكذا كان قراري واضحا وقلت لصديقي بحزم:"لا....لا أوفقك الرأي...لن أعالج خطأ بخطأ أكبر"...سكت صديقي ثم قال محاولا تغيير دفة الحوار:"إذن بم تنصحني...هل أجرب الحب أم لا؟!!"...صراحة اهتز عليا....لا أعلم بم أجب...هل أنصحه بأن يجرب الحب و يستمتع به عل حظه يكن أفضل من حظي....أم أحذره من دخول طريق لا رجعة منه....واحذره من جرح قلب لا يشفى...هكذا سكت ولم أجب....رحلت عنه حائرا...حديثه قد أثر في نفسي...عاودتني الهموم و الأحزان...علمت أن طعنات قلبي لم تلتئم و أن جروح روحي لم تندمل... لم أعد استطع فهم نفسي...هل حقا لازلت أحبها...أم أني الآن أمقتها و أكره مجرد ذكر اسمها...أعيتني الحيرة و أعجزني الفكر...قد فقدت بريق تميزي...قد جرح قلبي و أهيض كبريائي وتحطم غروري...كنت أراها ملاكا...زهرة عطرة استنشق منها رحيق الحب...لكني الآن أراها و أرى غيرها في أقبح صورة...أراهم يجرحون القلوب...أراهم يحطمون النفوس...لا أرى الآن سوى أنهم يقتلون الحب ويهيضون الأمل...يا صديقي لا أنصحك بالحب...لا أريد لك الجرح...لا أحب لك الانكسار و الفشل....صدقني يا صاحبي...إنهم يحرقون أغصان الزيتون....صدقني... إنهم يجهضون الأحلام....

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

لااااااااا أنا مش معاك في اللي بتقوله دا
هما مش كدا ممكن معظمهم او بعضهم كدا
انما فيه قصص حب ناجحه وكمان فيه قصص حب فاشله وسببها الولد مش البنت بس دايما الانسان بيبص لنفسه علي أنه هو المظلوم وهو اللي اتجني عليه وكدا
فبلاش النظرة التشاؤميه(((مش عارف كدا صح ولا غلط الكلمه دي ههههههههه)))دي وبص للدنيا بمنظور أوسع من كدا
ولو كانت هي بجد خاينه فخلاص يبقي هي ماكانتش تستاهلك من الاساس

nouran يقول...

السلام عليكم
ازيك يا دكتور رامى يارب تكون بخير
اولا اسجل اعجابى بكل مواضعيك انا قرأت نسبة كبيرة منها كلها فيها مشاعر حلوة وكلها كلماتها معبرة عن الا انت عايز توصله ممتعة
وانا متفقة معاك فى كلامك الا الجزئية الاخيرة لان مش كل البنات زاى بعض ولا كل الشباب زاى بعض مش لازم البنت تكون غدارة وخاينة ولا الشاب

وبعدين ما بنى على باطل فهو باطل
والعلاقة الا من بدايتها غلط نهيتها الفشل والغلط هنا اقصد بيه الغلط الا بينهيه الدين مش الغلط الا بينهيه المجتمع

لك تحياتى

prince4ever يقول...

ازيك يا نوران و انا مبسوط جدا انك دايما منوراني ومشرفه البلوج بتاعي...بصي يا ستي...انا معاكي ان مش كل البنات كده ولا كل الرجاله كده... هي القصه بس بتدور حوالين واحد مجروح و تعبان فشايف الدنيا وحشه و كل النفوس مش كويسه...ودي فتره اغلب الناس بتمر بيها لما بيخرجوا من علاقه حب مهما كانت حلوه بس حصل وانجرحوا فيها فده بيفقدهم ثقتهم بنفسهم وفي الاخرين..لكن متقلقيش مش كل الناس وحشه...اختلف معاكي بس في الجزئيه الاخيره...مش معنى ان نهاية العلاقة كانت صعبه ان ده يعني ان العلاقه من الاساس كانت غلط...هي ممكن جدا تكون علاقة محترمه ومهذبه وفي اطار الدين والاخلاق بس ربنا موفقش فيها بس وحصل فراق...شرفيني دايما يا نوران و قلتلك انتي بجد بقيتي صاحبه مكان
تحياتي وسلاماتي